صواريخ لبنان «الغامضة»: بين رسائل إيرانية وتفاوض دولي وانفجار الأزمة الداخلية

شكّل إطلاق صواريخ بسيطة من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل، الأول من نوعه منذ اتفاق وقف إطلاق النار، حدثاً محورياً أثار تكهنات محلية ودولية حول الجهة المسؤولة والرسائل السياسية الكامنة. ففيما تواصل إسرائيل خروقاتها اليومية للاتفاق، ركزت الأوساط الدولية على دلالات العملية، لا سيما أن الصواريخ البدائية تشير إلى جهة «غير محترفة» قد تكون مجموعة «متحمسة» تسعى لإيصال رسالة معينة، أو محاولة تمويه لتحويل الأنظار عن جهات منظمة.

وتشير التحليلات إلى أن اختيار منطقة شمال الليطاني لإطلاق الصواريخ يعكس واقعاً جديداً: فشل نزع السلاح شمال النهر كما جرى جنوبه، وفقاً لبنود الهدنة. بينما تعددت الفرضيات حول الجهة الآمرة: إسرائيل التي قد تستغل الحادثة كذريعة لمواصلة عدوانها، أو فصائل فلسطينية رداً على مجازر غزة، أو مجموعات من «حزب الله» تعمل خارج نطاق القيادة، خاصة مع استمرار الغارات الإسرائيلية واغتيال كوادر الحزب، مما يعزز فرضية تدخل إيراني مباشر عبر الحرس الثوري لإدارة الملف.

ويتزامن التصعيد مع مفاوضات سرية بين واشنطن وطهران حول النووي والصواريخ والأذرع الإقليمية، بينما تتجنب إسرائيل توسيع النزاع، كما بدا من ردّها المحدود جغرافياً، في إشارة إلى سقف أميركي.

داخلياً، كشفت الصواريخ هشاشة السلطة اللبنانية، التي تواجه تحديات كبرى: انتخابات بلدية ونيابية مقبلة، وخلافات حول قانون الاقتراع، وانقسامات في الخطاب الرسمي. ففي حين تحاول الحكومة تثبيت معادلات جديدة، تبقى بيروت ساحة صراع بين توازنات القوى التقليدية والمستجدة، خاصة مع اقتراب الانتخابات البلدية في الجنوب وبيروت، والتي قد تُعيد رسم المشهد السياسي.

الصواريخ، وإن بدت بدائية، إلا أنها أعادت تسليط الضوء على تعقيدات الوضع اللبناني: بين تفاهمات دولية هشة، وانقسامات داخلية، ومستقبل مجهول لسلطة تُصارع لترسيخ شرعيتها في ظل تهديدات أمنية وسياسية متشابكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.