لودريان في بيروت: بين الإعمار والحدود… فرنسا تُراقب وتُسجّل

وصل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان حاملاً معه أجندتين مزدوجتين، الأولى مرتبطة بملف إعادة الإعمار والتوجهات اللبنانية الداخلية، والأخرى تتعلق بالوضع الأمني في الجنوب واتفاق وقف إطلاق النار. وبين هذين الملفين، ستتضح أكثر فأكثر نتائج الجهود الفرنسية ومدى قدرة باريس على لعب دور محوري في إنقاذ لبنان من أزماته المتلاحقة.
بحسب المعلومات، سيقوم لودريان بتوثيق التوجهات اللبنانية حول ملف إعادة الإعمار وأبرز المستجدات في التعيينات الحساسة، لا سيما بعد اعتذار سمير عساف عن عدم تولي حاكمية مصرف لبنان، وظهور توافق محتمل على اسم كريم سعيد لهذا الموقع الاستراتيجي. هذه الورقة البيضاء التي يحملها لودريان ستكشف عن مدى استعداد لبنان للتعاون مع المجتمع الدولي، خاصة أن باريس تعتبر الداعم الأساسي للمؤتمر الدولي المخصص لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب الأخيرة.
أما الورقة الثانية، فستركز على الوضع الأمني في الجنوب بعد التصعيد الأخير الذي شهدته المنطقة، والذي أعاد تسليط الضوء على هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار. زيارة لودريان تأتي في هذا السياق لتقييم الالتزام اللبناني بتطبيق القرار 1701 بكافة بنوده، لا سيما أن فرنسا كانت لها “يد فضلى” في التوصل إلى الاتفاق وهي عضو في اللجنة الخماسية المكلفة بالإشراف على تنفيذه.
ووفق مصادر مراقبة، فإن العين تتجه أيضاً نحو التحضيرات الجارية للمؤتمر الفرنسي لدعم لبنان وإعادة الإعمار، حيث يواجه لبنان ضغوطاً دولية لإجراء إصلاحات شاملة وتطبيق القوانين الدولية. وعلى الرغم من الدعم الفرنسي المشروط، إلا أن باريس لن تستطيع تحقيق طموحاتها دون تعاون وثيق مع الولايات المتحدة، التي يُعتبر دعمها أساسياً لأي خطوة فرنسية جدية في هذا الإطار.
بين الإعمار والحدود، تبدو فرنسا ملتزمة بلعب دور الوسيط والمراقب، لكنها تدرك أن النجاح في هذه المهمة يتطلب أكثر من مجرد جهودها الذاتية. فالتحديات كبيرة، والوقت ليس في صالح لبنان، مما يجعل كل خطوة قادمة حاسمة في رسم مستقبل البلاد.