هل يحصل تلاقٍ بين “فتح” و”حماس” على خلفية “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على غزة؟

كشفت مصادر فلسطينية لـ”الجريدة”، أن عضو اللجنتين التنفيذية لـ”منظمة التحرير الفلسطينية” والمركزية لحركة “فتح” عزام الأحمد، الذي زار لبنان على مدى ثلاثة أيام الأسبوع المنصرم، لم يكن على جدول أعماله عقد أي لقاء مع مسؤولي حركة “حماس” للبحث في تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية وطي صفحة الخلافات الداخلية، على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة في أعقاب تنفيذ حركة “حماس” عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول الماضي.

لكن المفاجأة وقعت بعد مغادرته لبنان بساعات قليلة، حيث أعلن أن الأوامر جاءته من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للتواصل مع حركة “حماس” والبحث في إعادة إحياء المصالحة الوطنية تحت إطار “منظمة التحرير الفلسطينية”، كاشفا أنه تواصل مع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وعضو المكتب السياسي الدكتور موسى أبو مرزوق، على أمل أن يتم عقد لقاءات قريبة بين الطرفين.

وأكدت المصادر، أن سبب مبادرة “فتح” للتواصل مع “حماس” يعود إلى الموقف اللافت الذي أطلقه أبو مرزوق وأوضح فيه أن حركته تريد أن تكون جزءاً من “منظمة التحرير الفلسطينية” وسوف نحترم التزامات المنظمة، في إشارة ضمنية إلى إمكانية الاعتراف باتفاق “أوسلو” وتاليا “إسرائيل”، قبل أن يتراجع ويوضح أن تصريحه أسيء فهمه، وأن حركته لا تعترف بشرعية الاحتلال.

على مدى ثلاثة عقود، شكل احترام مبادئ والتزامات المنظمة نقطة خلاف رئيسية بين “فتح” و”حماس” التي رفضتها، لأن ذلك يشمل الاعتراف بإسرائيل. في حين اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل في اتفاق أوسلو في العام 1993، في مسعى لها لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967. إضافة إلى الخلاف حول مراكز السلطة والمناصب الرسمية والفخرية، إذ تريد حماس المناصفة في المسؤوليات كافة.

ونوه الأحمد بـ”إيجابية تصريحات حركة حماس الأخيرة على أمل توحيد الصف الفلسطيني”، مشددا على أن المنظمة جاهزة للقاء في القاهرة”، وعلى “ضرورة أن تكون كل الفصائل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية”، مشيرا في الوقت نفسه “أنه لا يوجد لا اتصال ولا قطيعة مع حركة الجهاد الإسلامي”.

وهذه الخطوة المتبادلة تعتبر الأولى من نوعها مؤخرا، إذ منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة وارتكاب إسرائيل المجازر والجرائم وتدمير أكثر من نصف غزة، لم يحصل أي تقارب أو تلاقٍ بين حركتي “فتح” و”حماس”، رغم أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس واجه ضغوطات إسرائيلية أميركية وعالمية من أجل إدانة حماس على عمليتها “طوفان الأقصى” ولم يفعل.

بالمقابل، أوضح أبو مرزوق في بيان وزّعته حماس “هناك إساءة فهم تصريحاتي الإعلامية، وعليه أؤكد أن حركة “حماس” لا تعترف بشرعية الاحتلال الصهيوني، ولا تقبل بالتنازل عن أي حق من حقوق شعبنا الفلسطيني، ونؤكد أن المقاومة مستمرة حتى التحرير والعودة”. في تراجع واضح عن موقفه السابق الذي أبدى خلالها استعداد الحركة لأن تصبح جزءاً من المنظمة، كخطوة نحو إنهاء الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية.

وما زالت حركة “حماس” ترفض فكرة إقامة دولة على حدود 67، لكن خطابها في السنوات الماضية تغير وعادت وقالت إنها تقبل بها لكن من دون الاعتراف بإسرائيل. وأكد أبو مرزوق أن حركته تريد إقامة دولة فلسطينية على حدود 67. ووفقاً له، “للإسرائيليين حقوق، ولكن ليس على حساب الآخرين”.

ويرى مراقبون عبر “النشرة”، أن موقف حركة “حماس” على لسان أبو مرزوق بإعلان الرغبة للانضمام إلى المنظمة في خضم العدوان الإسرائيلي على غزة، يمثل خطوة في إقفال الأبواب أمام أي خلافات جديدة مع “فتح” على ضوء بحث مصير القطاع بعد العدوان من دون حماس، وبعد عرض الولايات المتحدة الأميركية على السلطة الفلسطينية برئاسة عباس أن تتولى زمام المسؤولية فيه.

واستبعد مقربون من حماس أن يكون هذا الموقف ثم التراجع عنه “بالون اختبار” كما يعتقد كثيرون، لأنه ينافي ويخالف المبادئ التي انطلقت على أساسها الحركة، وأن الحركة يمكن أن تناور في قضايا أخرى لا تمس جوهر قناعتها، بينما يرى مقربون من فتح إن حماس اعتادت على ذلك، أي القبول بشيء ثم التراجع، فيما موقفنا واضح ولم يتغير، ونحن نرحب بالكل في إطار المنظمة والتزاماتها”.

ومرت العلاقة بين حركتي فتح وحماس بخلافات دامية على مدى عقود طويلة، وقد بدأت في العام 1993، إثر توقيع منظمة التحرير على اتفاقية أوسلو للسلام مع إسرائيل، في حين عارضته حماس بشدة، وتفاقمت عقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994 وبلغ الصراع بين الحركتين ذروته، عقب فوز حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006 وتحديدا بعد سيطرت حماس على قطاع غزة في العام 2007.

ولم تجد كل محاولات المصالحة الوطنية التي دخلت على خطها مصر أكثر من مرة كما السعودية والجزائر مؤخرا من طي صفحة الخلافات رغم اقترابها مؤخرا من الإنجاز بعد الاتفاق على الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني تواليا، فهل تنجح عملية “طوفان الأقصى” والمخاوف من تداعياتها على القطاع في رأب الصدع بينهما وإنهاء الخلاف؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.