أدوية فيروس الإيدز قد توقف انتشار فيروس قاتل مهمل

يعيش نحو ١٠ ملايين شخص حول العالم مع فيروس مهدد للحياة يُعرف باسم HTLV-1، وهو مرض نادر ومهمل لا تتوفر له حالياً علاجات وقائية أو علاج شافٍ.
لكن دراسة بارزة شارك فيها باحثون أستراليون قد تغيّر هذا الواقع، بعد أن أظهرت أن بعض أدوية فيروس الإيدز (HIV) الموجودة في السوق قادرة على كبح انتقال فيروس HTLV-1 لدى الفئران المُعدّلة وراثيًا لتشبه الجهاز المناعي البشري.
وقد نُشرت الدراسة في مجلة سيل – Cell بتاريخ ٢٤ تموز ٢٠٢٥، وهي تُمهّد الطريق لأول علاجات وقائية لهذا الفيروس المنتشر في عدد من مجتمعات الشعوب الأصلية حول العالم، بما في ذلك وسط أستراليا.
شارك في البحث كل من “معهد ويهي WEHI” ومعهد “بيتر دوهيرتي للأبحاث المناعية”، وتمكن الباحثون من تحديد هدف دوائي جديد يمكنه القضاء على الخلايا المصابة لدى المرضى، وبالتالي منع تفاقم المرض.
أبرز ما توصلت إليه الدراسة:
-
وجد الباحثون أن دواءين مضادين لفيروس HIV (تنيفوفير Tenofovir ودولوتغرافير Dolutegravir) يثبطان انتقال فيروس HTLV-1 ويمنعان تطوّر المرض لدى فئران مزروعة بخلايا مناعية بشرية.
-
عند استخدام هذه الأدوية مع مركب يحفّز موت الخلايا، تمكّن الفريق من قتل الخلايا المصابة بالفيروس، ما يُعد استراتيجية علاجية واعدة.
-
تم تطوير نموذج فريد من نوعه لفأر “مُؤنسن” أي يحمل جهازًا مناعيًا شبيهًا بالبشر، ما مكّن العلماء من دراسة سلوك الفيروس داخل الجسم.
فيروس HTLV-1 هو فيروس يُصيب خلايا T المناعية، تمامًا كفيروس HIV، وقد يؤدي بعد سنوات من الإصابة إلى أمراض خطيرة مثل سرطان الدم أو التهاب النخاع الشوكي.
وقال الدكتور مارسيل دورفلينغر، الباحث الرئيسي في الدراسة من معهد WEHI:
“دراستنا هي الأولى التي تثبت إمكانيّة كبح هذا الفيروس في كائن حي. أعراض HTLV-1 قد لا تظهر لعقود، وحين تُشخّص الحالة تكون الأضرار المناعية قد حدثت. لذلك، منع الفيروس عند نقطة الانتقال قد يُنقذ أرواحاً كثيرة”.
وتابع: “ما يبعث على الأمل أن الأدوية المستخدمة متوفرة حالياً لعلاج ملايين المصابين بـ HIV، مما يُسهّل تحويل النتائج إلى تطبيقات سريرية”.
نتائج غير مسبوقة:
في اكتشاف آخر مهم، لاحظ الباحثون أن الخلايا البشرية المصابة بالفيروس يمكن قتلها بفعالية عند استخدام أدوية HIV مع علاج يمنع بروتيناً يدعى MCL-1، وهو بروتين يحافظ على حياة الخلايا المريضة.
الفريق يعمل حالياً على تطوير علاجات RNA دقيقة لاستهداف هذا البروتين، بهدف تصميم علاج مشترك يمكن اختباره سريرياً في المستقبل.
نظرة أعمق:
أسهم النموذج الحيواني المُطوّر من قبل الدكتور جيمس كوني والبروفسور مارك بيليغريني في WEHI بفهم تأثيرات سلالات مختلفة من الفيروس، خاصة السلالة الأسترالية الفريدة HTLV-1c، التي تبيّن أنها تُسبب أعراضاً أشد من السلالة العالمية HTLV-1a.
البروفيسور داميان بيرسيل من جامعة ملبورن، المشارك في البحث، أوضح أن HTLV-1c المنتشر في أستراليا يختلف وراثياً بشكل ملحوظ عن السلالات الأخرى، إلا أن العلاجات أثبتت فعاليتها ضد كليهما.
وقد أسهمت جهوده بالتعاون مع وزارة الصحة الأسترالية ومنظمة NACCHO إلى إدراج الفيروس ضمن قائمة منظمة الصحة العالمية لعام ٢٠٢١ كـ”فيروس يُشكل تهديدًا للبشر”.
رغم العبء الصحي الكبير للفيروس في أستراليا، لا يزال HTLV-1 غير مُدرج ضمن الأمراض المُبلغ عنها في معظم الولايات، وتبقى معدلات الإصابة الحقيقية غير معروفة.
قال البروفيسور بيرسيل:
“الأشخاص المعرّضون لهذا الفيروس يستحقون أدوات طبية متطورة كما هو الحال مع مرضى HIV، وهناك فرصة حقيقية لمنع انتقال HTLV-1 وإنهاء الأمراض الناتجة عنه”.
الخطوة التالية:
يتفاوض الفريق حالياً مع الشركات المنتجة لأدوية HIV المستخدمة في الدراسة، على أمل ضمّ مرضى HTLV-1 إلى تجاربهم السريرية الجارية. وإذا نجح ذلك، قد تصبح هذه الأدوية أول علاج وقائي رسمي ضد هذا الفيروس المنسي.
الدراسة تلقّت دعماً من مركز الأبحاث الأسترالي لفيروسات HIV والتهاب الكبد، وصندوق فيليس كونور، وصندوق دراكنسبرغ، والمجلس الوطني الأسترالي للصحة والبحوث الطبية.






