استمرار اسرائيل بالابادة الجماعية للفلسطينيين وغزة أصبحت “مكانا للموت” وفق الأمم المتحدة

شن سلاح الجو الإسرائيلي ضربات جديدة على غزة حيث قتل العشرات في الساعات الماضية، بينما حذرت الأمم المتحدة من أن القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر بات “مكانا للموت غير صالح للسكن”.

ويثير هذا النزاع الذي يدخل غدا شهره الرابع، مخاوف من توسعه إقليميا إلى العراق وسوريا والبحر الأحمر وشمالًا، مع اشتداد عمليات القصف المتبادل عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

ودعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من بيروت اليوم، الى عدم جرّ لبنان الى نزاع، بعد ساعات من إعلان حزب الله أنه أطلق أكثر من ستين صاروخا باتجاه “قاعدة مراقبة جوية” في شمال اسرائيل، مشددا على أنها أتت “في إطار الردّ الأوّلي” على مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في ضواحي بيروت الثلاثاء.

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد إطلاق حوالي 40 صاروخا من الأراضي اللبنانية مضيفا في بيان أن القوات الإسرائيلية ضربت خلية مسؤولة عن بعض عمليات إطلاق الصواريخ بعيد ذلك. وأكد الجيش أن صافرات الانذار انطلقت في الشمال سبع مرات منذ صباح السبت.

وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع، مترافقا مع هجوم بري اعتبارا من 27 تشرين الأول، إلى مقتل 22722 شخصا غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.

وقتل 122 فلسطينيا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة وفق المصدر نفسه.

واستهدفت ضربات إسرائيلية فجر اليوم مدينة رفح في الطرف الجنوبي من قطاع غزة حيث لجأ مئات الآلاف في الأسابيع الماضية محاولين الفرار من المعارك.

وفي شمال غزة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي عمليته البرية في نهاية تشرين الأول، تتواصل عمليات القصف.

“ابادة وجحيم”
سيطرت حركة المقاومة الإسلامية حماس على السلطة في قطاع غزة عام 2007، بعد سنتين على الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب منه اثر احتلال دام 38 عاما. وفرضت الدولة العبرية إثر ذلك على القطاع حصارا جويا وبحريا وبريا، أحكمته تمامًا اعتبارا من التاسع من تشرين الأول الماضي.

ودمر الهجوم الإسرائيلي في حرب الابادة الّتي يشنّها أحياء كاملة في غزة وأدى إلى نزوح 1,9 مليون شخص يشكلون 85 % من سكانه بحسب الأمم المتحدة. ويعيش سكان القطاع في ظروف مزرية مع نقص حاد في المياه والمواد الغذائية والأدوية والعلاجات. وخرج الكثير من المستشفيات عن الخدمة جراء الدمار اللاحق بها.

وحذر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث من أن القطاع الفلسطيني بات “بكل بساطة غير صالح للسكن وأصبحت غزة مكانا للموت واليأس ويواجه سكانها تهديدات يومية على مرأى من العالم”.

وتفيد منظمة يونيسف أن المواجهات وسوء التغذية والوضع الصحي أحدثت “دوامة موت تهدّد أكثر من 1,1 مليون طفل” في هذا القطاع الذي كان يسوده الفقر حتى قبل بدء الحرب.

وأكد شون كايسي من منظمة الصحة العالميّة أن منظمته وصندوق الأمم المتحدة للسكان تمكنا للمرة الأولى منذ عشرة أيام من إدخال مستلزمات طبية لمستودع أدوية غزة المركزي التابع لوزارة الصحة في خان يونس.

وأكد غريفيث “نواصل المطالبة بإنهاء فوري للنزاع، ليس من أجل سكان غزة وجيرانها المهددين فحسب، بل من أجل الأجيال المقبلة التي لن تنسى أبداً تسعين يوماً من الجحيم والهجمات على المبادئ الإنسانية الاساسية”.

لكن إسرائيل شددت على أن عمليات الابادة في غزة ستستمر حتى “عودة” الأسرى و”القضاء” على قدرات حماس العسكرية التي لا تزال “كبيرة” وفق واشنطن.

وحذّر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري من أن “2024 سيكون عام القتال”، مشيرا إلى أن الجيش “يستمر بالقتال في وسط قطاع غزة وشماله وجنوبه”.

ويستمر إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه الأراضي الإسرائيليّة لكن بوتيرة أقلّ، فيما تنطلق صافرات الانذار في بلدات في جنوب إسرائيل قريبة من القطاع الفلسطيني بشكل شبه يومي.

ومع تواصل الحرب، يدور نقاش في إسرائيل بشأن “اليوم التالي” في قطاع غزة. وعرض وزير الدفاع يوآف غالنت هذا الأسبوع رؤيته لما بعد الحرب، مؤكدا أنه لن تكون في القطاع الفلسطيني بعد انتهاء القتال “لا حماس” ولا “إدارة مدنية إسرائيليّة”.

وفي تعليق على ذلك، كتب أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ عبر منصة “إكس”، “مستقبل قطاع غزة يحدّده الشعب الفلسطيني وليس إسرائيل”، معتبرا أن “كل السيناريوهات المقترحة من قبل سياسيي الاحتلال وقادته محكومة بالفشل”.

وفي الشمال عند الحدود مع لبنان أشار هاغاري إلى ما زعم بأنّه “مستوى عال جدا من الاستعداد” للقوات الإسرائيلية.

وباتت هذه المنطقة منذ 8 تشرين الأول الفائت مسرحا لتبادل قصف يومي مع حزب الله الذي يستهدف خصوصا مواقع عسكرية حدوديّة دعما لحركة حماس. وتردّ إسرائيل بقصف أهداف في جنوب لبنان.

وتصاعد التوتر مع اغتيال العاروري وتأكيد حزب الله أنه سيردّ على ذلك.

وقال الحزب في بيان السبت “قام مجاهدو المقاومة الإسلامية (..) في إطار الرد الأوّلي على جريمة اغتيال القائد الكبير الشيخ صالح العاروري وإخوانه الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، باستهداف قاعدة ميرون للمراقبة الجوية بـ 62 صاروخًا من أنواع متعدّدة”.

وفي بيروت، شدد بوريل في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب على أنه “من الضروري للغاية تجنّب جر لبنان إلى نزاع إقليمي” مخاطباً في الوقت ذاته الإسرائيليين بالقول “لن يخرج أحد منتصراً من نزاع إقليمي”.

وقال بوريل الذي التقى مسؤولين لبنانيين “أعتقد أنه يمكن تجنّب الحرب، ويجب تجنّبها، ويمكن للدبلوماسية أن تسود للبحث عن حل أفضل”، مضيفا “من الضروري تجنّب تصعيد إقليمي في منطقة الشرق الأوسط”.

وتزامنا مع زيارة بوريل، شرع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في جولة في المنطقة بدأها بلقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير خارجيته هاكان فيدان في اسطنبول.

وتشمل جولة بلينكن إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، وخمس دول عربية هي مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات، إضافة إلى اليونان.

وفي رسالة مصورة موجهة إلى بلينكن، تمنّى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية المقيم في قطر أن يركّز وزير الخارجية الأميركي “هذه المرة على إنهاء العدوان على طريق إنهاء الاحتلال عن كل الأرض الفلسطينية”.

وأمل أن يكون “استخلص العبر من الأشهر الثلاثة الماضية وأدرك حجم الأخطاء التي وقعت بها الولايات المتحدة بدعمها الأعمى للاحتلال الصهيوني وتصديق أكاذيبه مما تسبب بمجازر وجرائم حرب ضد أهلنا في غزة غير مسبوقة”.

وفي الإقليم أيضا، كثّف الحوثيون في اليمن، هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر، بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأميركية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيّرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.