الغلاء يشطب تقاليد الصائمين في رمضان… غابت الزينة والحلوى وحضرت الشكوى

شطب الغلاء وارتفاع الاسعار الكثير من الطقوس والعادات والتقاليد الذي دأب ابناء صيدا على القيام بها في شهر رمضان المبارك، في خضم الازمة المعيشية الخانقة التي جعلت الكثير من العائلات اللبنانية تبحث عن قوت يومها بصعوبة بالغة بعدما باتت تحت خط الفقر المدقع.

وصيدا التي اكتسبت بجدارة لقب “مدينة رمضانية بامتياز”، تفقد هذا العام الكثير من طقوسها وعاداتها، أبرزها الزينة التي غابت مثل السابق، حيث حضرت بشكل خجول في الشوارع الرئيسية والأحياء الشعبية وداخل الحارات القديمة وأزقّتها، فيما حرم الغلاء وارتفاع الاسعار ارتباطا بسعر صرف الدولار عائلات من شراء متطلبات الشهر الفضيل، بدءا من اللحوم والدواجن مرورا بالتمر وشراب الجلاب والتمر هندي وعرق السوس وصولا الى الحلويات، بعدما شكلت على مرّ السنوات الماضية علامة فارقة في صومهم، حيث باتت تقتصر على الاغنياء والميسورين فقط.

داخل محله ينهمك ابراهيم قبلاوي في توضيب الحلويات الرمضانية، لجذب انظار الزبائن، وتختلف اسعارها بين محل وآخر، اذ يباع كيلو المدلوقة بـ50 الف ليرة، كما حال معمول المدّ بالقشطة والعثملية وحلاوة الرز، بينما حلاوة الجبن بـ60 الف ليرة، والقطايف التي تعتبر أميرة الحلوى وارخصها بـ10 الاف، ولكنها تحتاج الى الجبن او القشطة او الجوز وهي غالية الثمن نسبيا، يقول قبلاوي لـ”النشرة” ان حركة البيع ما زالت مقبولة لكنها تراجعت عن السنوات الماضية بسبب الغلاء، اذ نشتري مواد اعدادها بالدولار مثل الفستق حلبي (10 دولارات) والكاجو (3 دولارات ونصف) والقشطة (3 دولارات) وسواها، فيما ارتفع كيس السكر الى 440 الف ليرة لبنانية، ما اجبر الناس على عدم شرائها والبحث عن لقمة عيشها بعدما تخلت عن غالبية “الضروريات” وكل “الكماليات”… والحلويات في هذه الايام العسيرة واحدة منها.

“رمضان لا يحلو الا بحلوياته”، يقول ابو حسن رمضان الذي حرص على شراء كمية قليلة منه، ويضيف “هذا العام اعتمدت خطة تقشف تقوم على شراء صنف واحد وبكمية اقل مما كنت عليه في السابق ومرة واحدة في الاسبوع، والهدف عدم حرمان عائلتي من الحلوى الرمضانية المميزة وخاصة المدلوقة، بينما يؤكد ابو محمد فواز “العين بصيرة واليد قصيرة” وحلويات رمضان شطبت عن جدول ايامي، بالكاد اوفر لقمة العيش في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار، لقد باتت للاغنياء فقط.

وبالمقابل، عمدت بعض العائلات المستورة الى صناعة الحلويات البيتية ومن الحواضر، كي تحافظ على نكهة رمضان، وعمد آخرون الى شرائها عن “العربات الجوالة” في شوارع المدينة لان اسعارها ما دون النصف وان كانت نوعيتها أقل جودة من المحال ولكنها “تفي بالغرض”، بينما ارتفعت اسعار التمر وشراب الجلاب والتمر هندي والعرق سوس والتوت وسواهم ما بين عشرة الاف وخمسة عشرة الف وتحولت هي الاخرى على اختلاف انواعها الى حلم بعيد المنال.

والغلاء لم يقف عند حدود الحلويات بل وصل الى الطبق اليومي “الفتّوش” الذي يلازم موائد الافطار طوال الشهر الفضيل، اذ ارتفعت اسعار مكوناته من البندورة والخيار الى الخس والكزبرة والنعنع والبقدونس والفجل وسواها بلا مبرر، الخيار بعشرة الاف ليرة وأكثر والبندورة خمسة آلاف وباقي حشائش الخضار ما بين الالف الى الالفين، وتقول الحاجة “أم فادي” الهبش، لقد خسرنا الفتوش في رمضان، بعدما خسرنا منذ بدء الازمة المعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار، الاسماك واللحوم والدجاج وحتى مكعبات “ماجي” لوضعها مع الارز بدلا من اللحوم، قبل ان تضيف “البيوت أسرار” وهي تصف تعفّف عائلات عن السؤال، ويصل الحال في بعضها الى أكل ما تيسّر من الارز او البطاطا والخبز الناشف وعلى قاعدة “جود بالموجود”، مشيرة الى ان الازمة تتسع وتنذر بانفجار اجتماعي قريب، لقد إستغلوا شهر رمضان المبارك ليرفعوا الأسعار ويزيدوا من معاناة الناس، فليتقوا الله”.

وحدها المبادرات الخيرية ارتفعت وتيرتها لتخفف معاناة أنين الجوع والفقر في الشهر المبارك، وقد تنوعت اشكالها في ظل غياب الافطارات الجماعية هذا العام بسبب جائحة “كورونا”، واستبدلت باعداد وجبات ساخنة وايصالها الى منازل العائلات الفقيرة والمتعففة.

ويقول مختار “حي الكنان” خالد السن ان الغلاء سلبنا شراء ما تحتاج اليه العائلات وخاصة في رمضان، ولكنه كرس عندنا مفهوم التكافل الاجتماعي بابهى مظاهره، وهذا التضامن أبعد المشاكل والخلافات عنا، الكل يسعى الى خدمة الاخر، مشيرا الى ان بعض الميسورين يقومون بتوزيع مساعدات مالية وحصص تموينية على العائلات الفقيرة، وفي الوقت نفسه تقوم بعض الجمعيات الاهلية والخيرية بتكفل عائلات وتأمين احتياجاتها الشهرية ووجبات ساخنة يومية ولكن تبقى الامكانيات المالية محدودة.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

تم الكشف عن مانع الإعلانات

يرجى إلغاء تنشيط مانع الإعلانات الخاص بك حتى تتمكن من استخدام موقعنا.